كلما تذكرت كتاب المرحوم عبدالله ناس الذي تحدث عن تجربته في الحياة تذكرتُ جملته التي أشار اليها وهي، هناك العديد من الفرص بجانب الإنسان، وليس عليه إلا ان يلتفت يميناً ويساراً، وسوف يلتقطها ! هذه الجملة رسخت في دماغي حتى هذه اللحظة.
وكلما يتسنى لي زيارة أحد معارفي أخذت ألتفت يميناً ويساراً عسى أن أجد ضالتي، او أن أستفيد من هذه الزيارة.
وآخرها زيارتي للأستاذ رؤوف والذي سوف أكتفي فقط باسمه الأول حتى أتجنب الانزلاق في المديح عنه وهو بتواضعه وحسن سلوكه غني عن ان أمتدحه، في آخر زيارة له في مكتبه الذي لم يتغير منه إلا لوحتان معلقتان على جدران مكتبه، الأولى كانت صورة طير جميل نقش من مادة البرونز وكانت تحكي عن جمالية الطير، أما الثانية فكانت بوسترا كبيرا وفيه صورة زعيم صيني (أعتقد ماوت سونغ) وفي صدر البوستر كتب عنوان كبير باللغة الانجليزية (customer) الزبون، وأخذت أتمعن في الكتابة التي تعبر عن معنى العنوان.. التي تذكر من يقرأ العنوان وتعرفه مدى اهمية الزبون.. في من يشتغل في التجارة او في الحياة الاجتماعية.
فقلت له ما معنى ما كُتب؟ فرد عليَّ أنظر ما المكتوب: إنك لا تستطيع أن تشتري سيارة بدون الزبون! إنك لا تستطيع أن تشتري ملابسك بدون الزبون، إنك لا تستطيع أن تتعالج بدون الزبون، أنك لا تستطيع أن تقتني هاتفاً بدون الزبون، إنك لا تستطيع أن تسهر مع عائلتك في أحد الفنادق لتقضي ليلة طيبة معهم بدون الزبون، إنك لا تستطيع أن تسافر مع عائلتك للراحة بدون الزبون، إنك لا تستطيع أن تشتري ملابس رياضية بدون الزبون، إنك لا تستطيع أن تشتري ساعة فاخرة بدون الزبون !
وأنهى الأستاذ رؤوف كلامه وهو يقول إن الزبون يشكل لدينا أهمية كبيرة في حياتنا اليومية ويجب علينا أن نحترمه، ونحترم ذوقه في التعامل معه! بقيت أستمع للمحاضرة التي ألقاها عليَّ رؤوف وأنا أسأل نفسي ما هي الفائدة التي استنتجتها من حديثه وأنا خارج تخصصه !! عندما ودعته وأنا أسير في شوارع البحرين شاهدت الكثير من السيارات التي تسير على الطرقات والتي كان يقودوها خليجيون وقلت لنفسي هؤلاء أبناء عمومتنا، ولكن أليس هم ايضاً زبائن عندنا؟ هم من يسكن الفنادق، هم من يتزودون بالبترول، هم من يأكلون في المطاعم،
هم من يشتري من البرادات وهم وهم وهم، ولذلكعلينا أن نحترمهم ونحترم وجودهم لأنهم شريان
الاقتصاد الذي نعتمد عليه.. فهل اذا طلب أحدهم المساعدة، كثير علينا أن نقدمها له؟