ربما علينا ان نعيد التأكيد بان اي كلام عن تحديث وتطوير الإدارة الحكومية لا ينبغي ان يحصر في تبسيط الاجراءات او ميكنة تقديم الخدمات في إطار الحكومة الالكترونية، وسيكون خطأ فادحاً ان فهمنا التحديث والتطوير من هذه الزاوية.
بناء إدارة عامة حديثة ومتطورة تستطيع مؤازرة الدولة في بلورة وتطبيق سياساتها تجاه المواطنين بالتحول من مفهوم السلطة إلى مفهوم الخدمة في التعامل معهم والتحول والتركيز على الاجراءات والروتين إلى التركيز على النتائج، والمواطنون يطمحون إلى إدارة على مستوى آمالهم وتوقعاتهم.. إدارة فاعلة.. بسيطة في تركيباتها واجراءاتها.. قادرة على سد منافذ الفساد.. تقدم الخدمات بمستوى عال من السرعة والجودة والاتقان والشفافية وبأقل جودة من الاتقان.
قبل الحديث عن تحديث وتطوير الإدارة يجب ان تكون هناك رؤية جديدة لدور الإدارة الحكومية في المرحلة المقبلة، وفي اطارها تحدد رسالة كل وزارة وكل هيئة حكومية الأهداف الاستراتيجية المنوطة بكل منها تحقيقه في تنفيذ خطط وبرامج الانتاج والخدمات في مختلف المجالات وفي مدى زمني محدد.. بمعنى حدوث تغيير جذري في الاسس والمفاهيم التي قامت عليها الإدارة والتي ارتبطت بها عبر عشرات السنين.. فمقتضيات هذه المرحلة في عصر التقنية والمعرفة والعولمة ومتطلبات وتحديات النهوض التنموي والاقتصادي تفرض هذه الرؤية تحديث الإدارة بإنسانها ونصوصها وطرقها واساليبها ومفاهيمها لجعلها إدارة فاعلة تولي موضوع المساءلة والشفافية العناية القصوى، وتهتم بقواعد الجدارة والاستحقاق وبمعايير الكفاءة وتضع الرجل المناسب في المكان المناسب، إدارة تخلو من عوامل الترهل والجمود وانخفاض الانتاجية وتدني الكفاءة وقادرة على اعتماد برامج لها اهداف قابلة للقياس ومستعدة للمحاسبة على النتائج والانجازات.
بقي مهما، بل بالغ الأهمية القول ان تحديث وتطوير الإدارة مسألة لا ينبغي النظر إليها بأنها مهمة صعبة إلى حد اليأس، وفي الوقت نفسه لا ينبغي تبسيطها بحيث نصل إلى الخيبة..!.