الحوكمة مفهوم يعني ضمن مايعنيه حق مساءلة الادارة وضمان الرقابة على الاداء الاداري والمالي والحد من استغلال السلطة ومنع تعارض المصالح، وبالتالي فهي اليوم مطلب اقتصادي واجتماعي لاغنى عنه.
والحوكمة بعبارة اخرى تعني ادارة صحية وصحيحة ونزيهة ومسعى دائما للكمال.. وتعني هيكلا اداريا مناسبا فاعلا ومنتجا قادرا على ان يترجم الاهداف الى واقع حي ونابض فعليا على ارض الواقع لاعلى الورق..
لذا فان اعتماد دليل حوكمة المؤسسات الحكومية بحسب القرار الصادر امس الاول عن سمو رئيس الوزراء نفترض انه يعني نهجا جديدا مرتقبا في اداء الوزارات والاجهزة الحكومية، وطالما بات هناك اهتمام والتزام بمفهوم الحوكمة وتطبيقاتها في القطاع الحكومي فان ذلك يستدعي اخضاع نشاطات هذه الوزارات والاجهزة الى مجموعة من القوانين والنظم والاجراءات التي من شأنها تطوير الاداء واختيار الاساليب المنافسة والفعالة لتنفيذ الخطط والبرامج وقبل ذلك الاهداف الواضحة وتحديد المسؤوليات وضبط العلاقات بين الاطراف الاساسية التي تؤثر في الاداء.
اذا فهمنا حقا غايات الحوكمة تلك، واذا ما رجعنا بالذاكرة الى مخرجات حوار التوافق الوطني، الشق الاقتصادي منه، ووجدنا تلك المطالبة بالحوكمة في ادارة الشأن العام والمال العام والتوصية بالزام الاجهزة والشركات الحكومية بنسبة تزيد على 30% من رأس المال بتطبيق انظمة واجراءات الحوكمة، وكذلك التوصية بالا تزيد فترة عضوية ممثلي الحكومة في مجالس ادارات الهيئات والمؤسسات والشركات الحكومية عن دورتين متتاليتين وعدم جواز العضوية في اكثر من مجلس ادارة في ذات المدة والتي كلها تدخل في سياق تفعيل الحوكمة.
اذا فهمنا تلك الغايات والاهداف والمطالبات، وباشرنا في الالتزام الفعلي بالحوكمة وقواعدها وماتقتضيه من تطبيقات في الوزارات والهيئات والاجهزة الحكومية ووضع معايير للكفاءة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، نكون قد قطعنا خطوة معتبرة وهامة ومطلوبة على طريق اصلاح وتطوير القطاع الحكومي وهو امر يخدم الاقتصاد وبيئة الاعمال والاستثمار والمجتمع.