لم تهدأ ضجة الانباء المتواترة من واشنطن حول فضيحة التجسس الامريكي على مكالمات ما يفوق وما يزيد على 70 مليون مكالمة لفرنسيين حتى فاحت رائحة تجسس خطير على الجوال «النقال» الخاص بالمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ما أثار احتجاجاً اوروبياً وعالمياً واسعاً ضد إدارة الرئيس اوباما الذي تفرغ فيما يبدو لاعطاء الدول الصغيرة «دروساً» في الديمقراطية وحرية التعبير يبدو ان ادارته كانت الاجدر والأولى بها بعد ان تكشفت سلسلة فضائح تجسسية احترافية تقوم بها اجهزته.
وهكذا تذهب مقولة «حماية المعلومات» وحماية الحياة الشخصية للافراد ادراج الرياح التجسسية الامريكية بعد ان صدع بها اوباما رؤوسنا وهو يلقي علينا المحاضرة تلو المحاضرة في المسألة الديمقراطية فيما يوافق ويبصم على ممارسة اسوأ اشكال انواع التنصت والتجسس على مسؤولين اوروبيين ومواطنين تستهدفهم إدارته في تخبطاتها الاخيرة التي لم ينفع ولم يجد معها نفي اوباما نفسه التنصت على هاتف ميركل حين هاتفته قائلة ان ذلك «سيسدد ضربة كبرى للثقة» بين البلدين.
والثقة عنوان كبير بدأ يفقد مصداقيته في عهد اوباما وادارته وبالنتيجة فقد اوباما الثقة في العديد من العواصم الاوروبية والآسيوية والافريقية ناهيك عن الثقة التي فقدها في الدول العربية وفي مقدمتها مصر ودول الخليج العربي إلى الدرجة التي فقد فيها اوباما ثقة المملكة العربية السعودية وهو امر لم يحدث طوال عقود العلاقات الامريكية السعودية ما يشير إلى ان ادارة الديمقراطيين بقيادة اوباما تلعب في الملعب الخطأ والخطر وتدفع بأوراق خاسرة في صفقات سرية يجري التحضير والتخطيط لها ستكون وبالاً على علاقات امريكا بالعالم العربي وفي مقدمته الخليج العربي.
لم يتوقع احد حتى المعجبون بأمركة اوباما وبديمقراطيته وعهده الذي «غازلهم» فيهم وانحاز إلى «ربيعهم» بعد ان دربتهم وعلمتهم واشنطن كيف يصنعون ذلك «الربيع» لم يتوقعوا ان تأتي لحظة سوداوية كهذه يتم فيها استدعاء سفير واشنطن في ألمانيا لطلب «توضيحات بشأن معلومات بان اجهزة استخباراتية امريكية تجسست على الهاتف المحمول للمستشارة ميركل»!!.
وفي البحرين لا نستطيع ان نفهم او حتى نتقبل «نصائح» سفير تتجسس بلاده على نظيرتها الالمانية وبالتأكيد سوف يخشى المسؤولون العرب وغير العرب من ان تكون مكاتبهم عرضة ومستهدفة لتجسس امريكي يرصد محادثاتهم ومكالماتهم ومكاتباتهم.
انها الثقة وقد اهتزت إلى درجة السقوط فحتى باريس لم تسلم من التجسس الاوسع والاكبر ما اضطر معه وزير خارجيتها إلى استدعاء السفير الامريكي هناك والبحث معه بشأن الفضيحة الكبرى.
فهل نتوقع ان يتم اليوم أو غداً استدعاء سفراء واشنطن في اكثر من عاصمة اوروبية أو آسيوية أو لاتينية او غيرها بشأن اكتشاف فضيحة تجسس جديدة.
وهل هي «ديمقراطية التجسس والتنصت» في فصل ختام رئاسة اوباما التي ظلت حائرة هشة مترددة بلا حسم حتى اختارت نهج الصفقات السرية القذرة «القذرة هنا مصطلح سياسي معروف ومتداول في توصيف الصفقات السيئة» وهي التي تكشفت للعالم هذه الأيام تزامناً مع اكتشاف فضائح التجسس لاقرب الحلفاء والاصدقاء لامريكا.. فماذا يريد اوباما ان يفعل بسمعة بلاده قبل ان يغادر بيتها الابيض.
للتذكير فقط «ريتشاردنيكسون» الجمهوري استقال بعد فضيحة تجسس ووترغيت فهل يفعلها اوباما بعد فضائح التجسس الأخيرة؟؟.