كثر الحديث في الأوساط التعليمية عن نجاح تجربة دمج الطلبة من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في الصفوف الدراسية العادية ومدى تأثير ذلك على سلوكهم ومهاراتهم في التعليم وقدرتهم على اجتياز مراحل تعليمية متقدمة إلى حد ما، لإحساسهم بالقدرة على تنمية الذهن والانخراط مع الآخرين واجتياز الإعاقة التي لديهم ليثبتوا جدارتهم من الناحية الذهنية، فقد صرحت وزارة التربية والتعليم انه خلال العام الدراسي الماضي قد تم احتضان أكثر من 1383 طالبا وطالبة بمختلف فئات الإعاقة، وفي العام الحالي تمت زيادة ذلك العدد بحيث تستوعب مدارس المملكة نسبة أكبر من هؤلاء الأطفال وذلك لنجاح التجربة يوما بعد يوم، فالوزارة قامت مشكورة بتدريب وتأهيل عدد من المدرسين والمدرسات وإخضاعهم لدورات تدريبية تعينهم على التعامل مع جميع الفئات.
يصنف علماء النفس مفهوم الدمج في جوهره على أنه مفهوم اجتماعي أخلاقي نابع من حركة حقوق الإنسان ضدالتصنيف والعزل لأي فرد بسبب إعاقته إلى جانب تزايد الإتجاهات المجتمعية نحو رفض الوصمة الاجتماعية للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، فسياسة الدمج هي التطبيق التربوي للمبدأ العام الذي يوجه خدمات التربية وهو التطبيع نحو العادية في أقل البيئات قيوداً.
ويعتبر دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع أحد الخطوات المتقدمة التي أصبحت برامج التأهيل المختلفة تنظر إليه كهدف أساسي لتأهيل هذة الفئة حديثا، ودول الخليج هي إحدى الدول التي زاد الاهتمام فيها في الآونة الأخيرة بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة وخدماتهم وأصبح هناك تغيير في النظرة إليهم سواء على مستوى صناع القرار أو على المستوى الشعبي.
والمقصود بأسلوب الدمج هو تقديم كافة الخدمات والرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة في بيئة بعيدة عن العزل وهي بيئة الفصل الدراسي العادي بالمدرسة العادية والتي تقدم كافة الخدمات لهم لبعض الوقت..
هذه المؤسسات التعليمية لم يغب عنها أن للدمج قواعد وشروط علمية وتربوية لابد أن تتوافر قبل وأثناء وبعد تطبيقه، كما وأنه على الرغم من وجود المعارضين لهذه الفكرة فإن مبدأ الدمج أصبح قضية تربوية ملحة في مجال التربية الخاصة، ولعل أكثر ما يخشاه المعارضون لهذا المبدأ هو حرمان الطالب المعاق من التسهيلات والخدمات والرعاية الخاصة سواء التربوية أو النفسية أو الاجتماعية أو مساعدات أخرى.
نجاح هذه التجربة قد تم إثباته في دول الخليج العربية بالإضافة إلى بعض الدول العربية التي أصبحت تستفيد من خبرات الغير لسد الثغرات التي تواجهها في مجال التعليم، وبعض الشركات والوزارات اتخذت من تلك التجربة نموذجا حيا ً قامت بتطبيقه في مجال التوظيف، نتمنى من باقي الشركات والوزارات ان تسلط الضوء على هذه الفئة المنتجة والقادرة على العطاء بشكل أكبر لأنها بكل بساطة حاولت وأثبتت ذلك في أكثر من مجال..