مالتوس هو احد الرهبان في الكنيسة الانجليزية (1766 - 1834م) الذي وضع نظرية غير علمية: تزعم ان البشرية تواجه مشكلة التعارض في تزايد السكان المضطرد أمام تدني امكانيات وسائل العيش من حيث ان تعداد السكان ينمو بأشكال هندسية خلافًا لوسائل العيش التي تنمو باشكالٍ حسابية... ويرى الراهب مالتوس أن لا حلّ لتعارض هذا النمو الهندسي والحسابي الا بالحروب والحد من الزواج وخلاف ذلك من السيطرة على استطرادية نمو السكان وأن الزيادة النسبية المفرطة في تنامي السكان هو قانون بيولوجي.
وقد استغل تجار الحروب ومصاصو دماء الشعوب المفاهيم المالتوسية في اشعال الحروب وادامة شرعيتها كضرورة اجتماعية محكومة بقانون بيولوجي وقد ذهب البعض من انصار المالتوسية مثل (ج. ف. ما كليري) الى الافتاء بان مصادر هذا التفاوت بين السكان ووسائل العيش يرجع الى انخفاض اسعار السلع الغذائية وارتفاع أجور العمال وقد اتخذ من ذلك ذريعة تبريرية لرفع اسعار السلع الغذائية وخفض اجور العمال وتأتي فلسفة مالتوس هذه لتبرير الاستغلال الرأسمالي وتكريس الاستعمار وسياسة الحروب وترى الفلسفة المالتوسيّة الجديدة ان منجزات العلوم الطبيّة هي اداة أيضاً في مساعدة عدم مضاعفة معدلات الوفيات.. مما يكرس وسائل الوتائر الهندسية في نمو السكان...
وقد وقفت قوى التقدم الاجتماعي ومفكروها ضد هذه الفلسفة وادانتها وتفنيد أباطيلها ومفاهيمها (!) أن واقع الحال يُدلل ان التقدم العلمي والتكنلوجي يرتبط بالنمو الهائل لوسائل الانتاج الذي يُعزز ويرفع من اساليب وسائل العيش ويضاعف الثروات المادية وخبرة الانسان في هذا الميدان وان تجربة الشعوب تُدلل أيضاً على ان حصيلة الانتاج الاجتماعي اذا وُضعت في قوالبها الصحيحة والانسانية القائمة على العدل والمساواة والتكافل فانها تنمو بشكل اكثر سرعة من نمو السكان وبهذا فان نظريّة مالتوس تتلاءم مع الواقع فقط اذا نُكِّست على رأسها بحيث يترتب على وسائل العيش ان تنمو وتتطور بشكل هندسي وان تزايد السكان ينمو ويتطور بشكل حسابي (!)
الا أن الحقائق الدامغة تؤكد ان هناك آلاف الأطنان من المواد الغذائية المنُتَجةَ تقوم الشركات المتعددة الجنسيات باحراقها واغراقها في البحار وذلك للتحكم في موازين العرض والطلب ومضاعفة الارباح الأسطورية في الوقت الذي نرى ان هناك شعوبا باكملها تعيش على حافة المجاعة (!)
ومعلوم أن الخلل يكمنُ في الانظمة الرأسمالية القائمة على العبودية والاستغلال التي تُفرز المآسي والآلام في حياة الامم والشعوب وتكرس الفقر والمعاناة للانسانية جمعاء في ظروف التطوّر التكنلوجي الذي يُوفر زيادة الانتاج في الصناعة والزراعة ويُتيح وفرة متعاظمة من المواد الغذائية في حين ان حجم السكان ينمو وفقًا لاضطرارية مُتدنيّة عن حجم المواد الغذائية سيما اذا قسنا ذلك بالثورة الصناعيّة والزراعية والاكتشفات الجبّارة لانسان هذا العصر (!)