كل عام وأنتم بخير فقد بدأت الاستعدادات لموسم الحج وبدأنا نسمع تصريحات المسؤولين حول الأعداد المصرح لها لمملكة البحرين وكيفية تعامل وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف وكذلك اللجنة العليا للحج والعمرة مع حملات الحج، وقد أثلج صدور كثيرين القرار الذي أصدره وزيـر العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة والخاص بإلزام أصحاب حملات الحج بالتفرغ لإدارة الحملة بأنفسهم، ورغم أن القرار قد جاء متأخرا إلا أنه أفضل من عدمه.
هذا القرار كنت قد ناديت به منذ عام 2013 وناشدت الوزارة ورئيس اللجنة العليا للحج والعمرة وطالبته أكثر من مرة بتحمل المسؤولية بشأن حملات الحج غير المرخصة وعمليات تأجير سجلات الحج المعتمدة إلى مقاولين من الباطن وسماسرة الرحلة الإيمانية، ولكن دون اتخاذ أي إجراءات صارمة تحد من تلك المشكلة، بل ان أكثر ما كان يتخذ حيال مؤجري ومستأجري سجلات الحج هو الفت نظرب ثم يعود كل منهم لتكرار فعلته لأنهم أمنوا العقوبة.
ولا شك أن من بين الأسباب الأساسية لارتفاع أسعار الحج لأرقام فلكية هو عملية تأجير سجلات الحج من الباطن، فصاحب السجل يتربح من مجرد حيازته لترخيص ويقوم بتأجيره لمن يدفع أكثر ثم ترتد تلك الزيادة على المواطن الفقير الذي يحلم بحج بيت الله قبل أن يموت، ولا يجد مفرا سوى دفع التكلفة مهما كانت، وجميع المقاولين يعلمون بتلك الرغبة الجامحة والحاجة الملحة لدى الحجاج ويستغلون حاجتهم برفع الأسعار دون ضوابط، وقد سمعنا هذا العام أن الأسعار ستصل إلى 3 آلاف دينار.
وقال رئيس بعثة الحج الشيخ عدنان القطان إنه لا أثر رجعي للقـرار، موضحاً أنه سيطبق على الحملات الجديدة ولا يشمل الحملات القديمة المرخصة، لكنه لم يذكر آلية تطبيق القرار وما هي العقوبات حيال المخالفين، وكان من الأجدر أن يعلن عن عقوبات صارمة للمخالفين سواء المؤجرين أو المستأجرين، على أن يتم سحب التراخيص وتطبيق غرامات كبيرة لتكون رادعة لمن يفكر في تأجير السجلات من الباطن أو استئجارها، ولقد نوهت في عام 2013 إلى انعدام الرقابة المسبقة والمتابعة من قبل الوزارة واللجنة العليا للحج واستخفافها بحق المواطن في أن يؤدي الفريضة دون حدوث مشاكل تعكر صفو الركن الخامس للدين الحنيف.
نفس المشاكل تتكرر في كل عام ودائما ما تظهر بعد عودة الحجاج من رحلتهم فتبدأ الوزارة بتلقي الشكاوى مع وعد بالبحث والتحري عنها ومعاقبة المخالفين، لكن تبقى نفس الحملات المخالفة تعمل عاما بعد آخر دون عقاب أو رقابة على إجراءاتها قبل وقوع المشكلة، لذلك أطالب وزير العدل أن يضع النقاط على الحروف، وأن يقوم رئيس بعثة الحج بدعوة أصحاب السجلات المعتمدة لاجتماع يتم فيه توضيح آليات القرار وعقوبات مخالفته، وكذلك وضع جدول لأسعار الحج بالاتفاق مع أصحاب الحملات يتضمن سقفا لا يتجاوزه أحد منهم.
تفاصيل الحج ليست بجديدة على وزارة العدل ولا رئيس البعثة، فالخبرة متراكمة لعشرات السنين ويمكن من خلالها إيجاد أفضل أماكن وأرخص أسعار للحجاج البحرينيين مع مراعاة هامش ربح معقول لأصحاب الحملات، وعلى وزارة العدل أن تكون على قدر المسؤولية لأن الحج رحلة واحدة لا تتكرر في كل عام ويحرص الآلاف عليها، إلا أن الفرصة لن تسنح للكثيرين هذا العام لأن العدد المسموح به للمملكة هو 3700 حاج فقط سيتنازع عليهم أصحاب الحملات ونتمنى ألا تصبح محل استغلال.
لقد عودتنا الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله ورعاه على تلبية كل حاجات المواطنين، وتعودنا من سموه على سرعة الاستجابة والتحرك والتواجد على الأرض لحل المشكلات، ولهذا نناشد المسؤولين الاقتداء بسموه ووضع مصلحة المواطن في المقام الأول، خاصة في أمر عظيم مثل حج بيت الله الحرام، وتواجد مواطنين بحرينيين فيه ضمن ملايين البشر من كل فج عميق، مما يستوجب توفير كل سبل الراحة لهم ودرء كل ما يفسد عليهم رحلتهم الإيمانية، ونسأل الله أن يتقبل من المسلمين حجهم هذا العام وأن يغفر ويعفو عمن لم يتمكن من تلبية الدعوة الربانية.