هل هي صدفة ان يصف اوباما او بالأدق ان يُطلق الرئيس الأمريكي توصيف االدول السُنيةب بالتزامن تقريباً مع توصيف محمد حسنين هيكل لعاصفة الحزم بأنها احرب سُنيةب على الشيعةب وذلك على قناة االسي بي سيب التي تجري معه سلسلة أحاديث.
لن ازعم ان هناك تنسيقاً او تفاهماً بين الاثنين ولكنني سأقول ان هناك ذهنية بعينها أو ذهنية معينة تريد ان تقرأ الأحداث وتطورات السنوات الاربع الاخيرة على هذا النحو وان تكرس تفسيراً طائفياً لها بحيث تعممه على جميع المكوّنات بالمنطقة دون ان تحاول تفكيك الأحداث والعودة بها إلى الجذور والبحث والتحليل بموضوعية بحيث تحدّد بالضبط من هي الجهة التي لعبت على أوتار الطائفية منذ ما يقرب من اربعة عقودٍ حتى نضجت اللعبة وتكرست ثقافتها في وعي جيل نشأ منذ بواكير وعيه الأول على ثقافة طائفية كانت تضخها له جهات واجهزة وتيارات ومنابر وتنظيمات سرية وعلنية تحلقت جميعها حول مشروع اصولي راديكالي مذهبي امشروع دولة الولي الفقيهب الذي كان منشأ هذه الثقافة وحارسها الأمين.
فهكذا دولة بهكذا مواصفات لابد وان يكون عمودها هو الطائفية التي ستغدو حجر الزاوية في جميع المشروعات الصغيرة التي سارت على ذات النهج واعتبرت الخمينية منهجها الذي تتبع خطاه وتواليه علناً.
وإذا كنا نفهم دون ان نقبل بالدواعي والاسباب التي دفعت باوباما مع توقيع اتفاق اطار الاتفاقية مع النظام الايراني فإننا لا نفهم الدواعي والاسباب التي جعلت المحلل السياسي الكبير هيكل لان يصف عاصفة الحزم بأنها حرب سنية على الشيعة ملغياً ومتجاوزاً كل ما يعرفه شخصياً عن طبيعة النظام الايراني عندما بدأت علاقته بهذا النظام حتى قبل انجاز انقلابه على الشاه انجازاً نهائياً حين أجرى مقابلة صحفية مطولة مع خميني في مقره في فرنسا واستمرت العلاقة الطيبة مع ذلك النظام في شتى المراحل والتقلبات.
بطبيعة الحال لسنا في وارد تفكيك هيكل في هذا العمود ولكننا سنحاول قراءة ذهنية محددة عربية وأجنبية قد يمثلها هيكل عربياً واوباما اجنبياً وهي تحاول القفز على حقائق التاريخ والجغرافيا والواقع وصولاً هكذا عنوة وقسراً لتلبيس صراع الاطماع التوسعية الايرانية في المنطقة العربية المحيطة بها لبوساً طائفياً خالصاً وتصويره بأنه اصراع سني شيعيب حتى تضلل الوعي العام العالمي والوعي العام العربي عن الوقوف على الاسباب والدواعي الحقيقية لهذا الصراع الذي ما كان ليحدث لو لم يطرح ويروج ويعمل النظام الايراني الاصولي المذهبي الراديكالي على احياء المشروع القومي الفارسي القديم جداً االتوسع الامبراطوريب تحت يافطة براقة هذه المرة اسمها اتصدير الثورةب وهو المشروع الذي كانت له مكاتب ومؤسسات ومسؤولون وموظفون في العاصمة طهران تتبع خميني نفسه.
ولا يتسع المجال هنا لان نقدم الوثائق والارقام والتواريخ والاسماء والأحداث التي تثبت ذلك لكنها موجودة ويمكن العودة لها بسهولة ما يدلل على ان المشروع الايراني التوسعي ليس وليد اليوم بل يعود إلى بداية تأسيس دولة الولي الفقيه حيث اخذ في السنوات الاربع الأخيرة منحىً خطيراً مباشراً يهدد سلامة اراضي الدول العربية المحيطة بإيران ويهدد انظمتها وتركيبتها وامنها القومي والوطني الداخلي.
وبالنتيجة لن تستطيع الاطروحة المضللة بأن عاصفة الحزم وما يجري في المنطقة هو احرب سنية ضد الشيعةب فالوعي العام العربي يعرف التفاصيل والحقائق ولن يقع في فخ هكذا اسلوب تضليلي للاسف يشارك فيه بعض االمفكرينب العرب.