من يتابع الحراك السياسي اليوم قد يصاب بالاكتئاب أو ضيق النفس على أقل تقدير، في ظل ما نسمعه من كثرة الكلام غير الواقعي عبر التجمعات والندوات، التي تعقد هنا وهناك، وتقوم على التباكي واستغلال هموم الناس وحاجاتهم واستدرار عطفهم واجترار المآسي وهو ما يتجلى في سرد العديد من القصص والروايات المبالغ فيها، في استغلال واضح لعدم إلمام الناس بما يدور حولهم من ألاعيب سياسية.
فحين يغيب الوعي السياسي وتترك الأمور لأشخاص يحملون أجندات ذات أفق ضيق، بعيدة عن توافق كافة مكونات المجتمع، هنا تكمن خطورة الأزمة، حيث إن هؤلاء الذين لم يبرزوا على الساحة إلا بسبب الظروف العارضة، لا يطرحون حلولا بقدر ما يقومون به من تغذية لإشعال الوضع، وهو ما يجعلهم جزءا رئيسيا من الأزمة وغير مؤهلين للدفاع عن أنفسهم، فما بالك بادعائهم الدفاع عن غيرهم؟ فالمنطق والعقل يؤكد أن من أدخلك في أزمة واستفاد منها، من المستحيل أن يعمل على إخراجك منها.
إن معالجة أي أزمة، يحتاج إلى عقول نيرة ونفوس صافية، ومن يعتقد أن لغة التحشيد والتخوين، تشكل مخرجا، فليعلم أنه هو زيت هذه النار التي سيحترق بها قبل غيره، وعليه إفساح المجال أمام غيره ممن يؤمنون بالعمل في صمت وروية وأن خير الكلام ما قل ودل لأن من كثر كلامه قلت أفعاله.
فمن أولى علامات الحكمة أن الكلام يجب أن يكون على قدر الحاجة وأن الإفراط في المدح تملق والإكثار في الذم تشف وانتقام، وكما قال الفيلسوف الكبير برنارد شو «النجاح ليس عدم فعل الأخطاء، وإنما عدم تكرارها» فمن تنضب أفكاره يفشل، تماما كمن لا تنضب أعذاره، وإذا كان الناجح يرى حلا لكل مشكلة، فإن الفاشل يبتكر مشكلة في كل حل لسبب بسيط وهو أن عقله فارغ، عافاكم الله جميعا من كل فشل، وسدد خطاكم نحو الخير والأمل.