في مقابلة معه بجريدة الشرق الأوسط في العام 2007م وصف رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أربكان رئيس الوزراء الحالي رجب طيّب أردوغان بالتلميذ الفاشل المتسلّل من الباب الخلفي من مدرسة الحزب الإسلامي، ووصف حزبه، حزب العدالة والتنمية، بالمتحلّل من رداءة الدين والمرتمي في أحضان أوروبا وأمريكا والمشروع الصهيوني.
وقال في المقابلة إنّ حزب أردوغان منذ أن تولّى السلطة قام بمنع الدروس القرآنية وإغلاق مدارس الأئمة والخطباء وإلغاء قانون يجرّم الزنا لتحقيق شروط الانضمام للاتحاد الأوروبي، وغيّرت حكومة الحزب الآيات القرآنية في المدارس الرسمية، وألغت «غير المغضوب عليهم ولا الضالّين» من سورة الفاتحة في الترجمة التركية للقرآن، ولم يترجموا معانيها لكي لا يغضب اليهود والمسيحيون.
وللعلم فإنّ أردوغان كان عضواً في حزب الرفاه الذي كان يقوده أربكان ووصل من خلاله إلى رئاسة الوزراء في العام 1995م قبل أن يتدخّل العسكر ويطيحوا بحكومته خوفاً على المبادئ العلمانية للدولة التركية من توجّهاته الإسلامية. ولكن أردوغان فضّل الخروج من الحزب وشكّل مع عبدالله غُول حزباً جديداً باسم حزب العدالة والتنمية، واستطاع الحزب الجديد الحصول على ثقة الشعب التركي ورضا العسكر في العام 2002م.
استطاع أردوغان خلال سنوات قليلة تحقيق إنجازات اقتصادية كبيرة للبلاد. ارتفع مستوى دخل الفرد في تركيا. قلّص حجم الدين. قضى على الكثير من مظاهر الفساد المالي والإداري. هيّأ تركيا لتكون جاذبة للاستثمارات الأجنبية. وفّر فرص عمل كثيرة للعاطلين. مكّن تركيا من تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية.
في الانتخابات الأخيرة استطاع حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان أن يحصد 46% من أصوات الناخبين، بينما لم يحصد حزب السعادة بقيادة أربكان على أكثر من 3% فقط.
ولو أنّ الأتراك أرادوا التصويت لحزب إسلامي فلن يجدوا أكثر إسلامية من حزب أربكان، الذي يعلن عن إسلامية حزبه. ولكن أصوات الناخبين اتجهت إلى حزب أردوغان لأنها رأت النتائج والثمرة.
فرغم ما أشيع عن تخلّيه عن العباءة الدينية وتضحيته بـ»ثوابت الدين» من أجل قبول انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، ولكن ظلّ في نظر الأتراك، الإسلاميين وغير الإسلاميين، القائد الملهم والرئيس الأقدر على إدارة دفّة تركيا. فثقة الناخبين تأتي بالإنجازات والأرقام لا بالشعارات والهتافات.