سألني ما الذي تحتاج إليه البحرين لمعالجة أزمتها وإنهاء حالة الاحتقان التي تعيشها؟ قلت له: البحرين لا تحتاج سوى لخادمة. اعتقد أنّني أمزح فأعاد السؤال مرّة ثانية وثالثة، وكرّرت عليه الإجابة بوجه صارم وجاد: «والكعبة الشريفة البحرين لا تحتاج إلا لخدامة. خدّامة واحدة فقط وتنتهي أزمتها».
قال لي وقد بدا أنّه لن يقتنع بما اقترحته حتى لو أقسمت بكلّ ما كنا نقسم عليه في الفريج لتأكيد صدقنا المثلوب ونزاهتنا المنقوصة: «وما الذي ستفعله الخادمة لحلّ أزمتنا؟ ما الذي تتقنه الخادمة غير الكنس والمسح والغسل والترتيب؟ قلت له: «وهل تحتاج أزمتنا أكثر من ذلك؟».
كان على وشك أن يودّعني غاضباً ويغادرني دون أن يستوعب ما رميت إليه، فرجوته أن ينصت لكلامي ليفهم قصدي، وقلت له: «سنطلب من الخادمة أن تكنس شعارات الفرقة ويافطات الفتنة وخطب التحشيد ومقالات التسقيط وتغريدات التخوين ومنشورات التطبيل، وتلقيها كلّها في أقرب حاوية، ألن يكون ذلك سهلاً على خادمة؟».
وقلت أيضاً: «سأطلب من الخادمة أن تمسح كلّ الحقد في النفوس الذي تشكّل نتيجة ثقافة خرقاء وعقول آسنة ونفوس خبيثة وأرواح مستلّة من بيوت الأشباح. وبنفس الممسحة سأطلب منها أن تمسح ذاكرة الأشهر الماضية وما تختزنه من صور قاتمة ومواقف مخزية ومشاهد مرعبة وأحداث مفزعة، وأن يكون مآلها إلى أقرب بالوعة». وزدت على ذلك: «وسأطلب من الخادمة أن تغسل أدمغة الصغار مما علق بها من أحاديث الكبار، ومما تبثّه قنوات الفتنة التي تتخذ الإثارة مادّة وبثّ الأحقاد وسيلة لاستقطاب الجماهير الساذجة، ولا يرعوي متابعوها عن نقل سمومها إلى أدمغة صغارهم، ليكونوا هم مادّة متفجّرة في المستقبل في وجه من يخالفها ويبدي رأياً غير رأيها».
واستطردت: «وسأطلب من الخادمة أن ترتّب أولويات الوطن وتنظّم أجندة الوطنيين بعد أن ضاعت الأولويات والأجندة في جيوب المنافقين والانتهازيين والوطنيين المزيّفين ومن ارتدى لَبوساً غير لبوسه للوصول إلى مصلحته الشخصية وغايته الضيّقة، وأن ترتّبها مثلما ترتّب خزانة الملابس في أيّ بيت».
ابتسم صاحبي ووجدته يغادرني إلى مكتب الخدم.