فوز كاسح للإسلاميين في البرلمان الكويتي، وكذا الحال في تونس والمغرب ومصر والقائمة مفتوحة لبقية الدول العربية.. هل هي مؤشرات أو دلالات إيجابية أم سلبية بالنسبة لمستقبل الحكومات في الوطن العربي؟
البعض يفسر الدين بأنه الوسيلة التي توجه الإنسان الى كيفية التعامل مع الإله وأن غايته الآخرة، ويفسر السياسة بأنها الفلسفة التي يتم اتباعها للتعامل مع الآخر وأن غايتها الدنيا! بينما يفسر آخرون الدين والسياسة بالعملة ذات الوجهين! أي أنه لا غنى لأحدهما عن الآخر.. ولكن الأوضاع في الوطن العربي بل العالم بشكل عام مؤخرا وما تعانيه الشعوب من ويلات الثورات السياسية والطائفية وما رشح عنها من أزمات اقتصادية وأمنية وتدهور في الأوضاع الإنسانية خلقت قناعات لدى الكثيرين من علماء السياسة والاقتصاد بأن السياسة والدين كالماء والزيت لا يختلطان!!!
فمنذ القدم عاشت البشرية أسوأ حالاتها بانتشار الحروب المدمرة عندما اختلط الدين بالسياسة أو حين استغل أحدهما الآخر، واليوم نرى دولا عديدة مستقرة ومتقدمة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا كونها فصلت الدين عن السياسة، واختارت نظاما سياسيا ديمقراطيا وفي ذات الوقت مدنيا، يحق للمواطن من خلاله اختيار نمط حياته الاجتماعي وسن أي قانون بغض النظر عن رأي الدين فيه، وهذا لا يعني محاربة أو إلغاء الدين، بل أن للمؤسسات الدينية وجودها واستقلالها المالي والإداري ويمكنها أن تقول رأيها ولكن بطريقة غير ملزمة.
عندما نقف قليلا ونمعن النظر في الأوضاع على الساحة العربية نجد أن جميع الشعوب التي خلط حكامها بين الدين والسياسة فشلت سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بل وانقسمت بعض هذه الدول الي جزئين مثل السودان وأحتـُلت دول أخرى كأفغانستان وعانت دول أخرى من المجاعة كالصومال واقليم دارفور.. هذه النماذج من الدول فشلت في الاثنين معا (الدين والسياسة ).
ظلت العلاقة بين الدين والسياسة محل نقاش عميق منذ أقدم العصور، ورغم التاريخ الطويل من المناظرات والبحث حول هذا الموضوع إلا انه لم يتوصل أحد حتى يومنا هذا الى تفسير لهذه المعضلة أو الحدود الفاصلة بينهما..