ومن ذكريات المدراس التي تُشعل الحماس، تأتي حصة الأناشيد التي ما تزال ترّن في مسامع جيل الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي وما قبلهما، والتي تؤكد على حب الوطن الأصغر ليمتد إلى الوطن الأكبر، حيث نجد الحماس بين الطلاب بمعيّة المعلم من خلال حركات الأيادي لتدل على القوة والحب للوطن والتغني به، ومن الأناشيد التي لا تغيب عن المدارس هي نشيد «بلاد العُربِ أوطاني»، تلك النشيدة التي تخطت حدود المكان والزمان، إذ ما تزال هذه النشيدة تحوم في الفضاء العربي من مشرقه (الخليج العربي) إلى مغربه (المغرب الأقصى) إلى شماله (بلاد الشام) إلى جنوبه (بلاد اليمن)، والتي غرست فينا حب الوطن بحضارته وأمجاده وتاريخه، فتأتي بلاد الشام ومصر ونجد وتطوان وبغداد واليمن وغيرها من خلال كلمات هذه النشيدة، إذ يعمد بعض المعلمين إلى ترسيخ المساحة الكبرى للوطن العربي من خلال عرضه لخريطة الوطن العربي والإشارة إليها عندما تُذكر تلك المناطق، هذا التوجه القومي العربي نراه سائد في مدارسنا منذ عقود قديمة، وربما إلى العصر الحاضر، فالطالب وهو يافع يعرف ويكرر هذه النشيدة.
ومثل ذلك، هناك أناشيد تؤكد على نفس المعنى والمبنى والهدف من مثل «الله أكبر فوق كيد المعتدي» لـعبدالله شمس، ونشيد «نحن الشباب لنا الغد» للأخطل الصغير، ونشيد «أرض أجدادي» لـحليم داموس.
كل هذه الأناشيد يتشربها الطالب وتبقى في ذاكرته لينشدها خارج حدود الصف وفي الرحلات وفي الحواري وغير ذلك، رحم الله الشاعر فخري البارودي صاحب نشيدة «بلاد العُربِ أوطاني»، وإلى ذاكرة أخرى.