عندما انتقل خلوف للعمل في منطقة الهملة للعمل في إحدى شركات الدواجن كان لا بد منه أن يحمل معه ما تعلمه من أساتذته من خلق واحترام، ومساعدة الآخرين ممن بحاجة للعون، وبما انه كان مديرًا لنادي الوحدة فهذا ساعده على أن تتوسع معارفه مع المسؤولين وتسهم في من له حاجة من العمال الذين يعملون معه، فقد سبق أن ذكر خلوف أن هناك من الشباب الذي صادف بعض المعوقات مع بعض الوزارات، منهم وزارة الإسكان أو وزارة التربية أو غيرهما، واستطاع أن يحل مشاكلهم، طبعًا يرجع الفضل لأصدقائه الذين تعلم منهم دروس التعاون، كما لا ينسى درس بناء مستوصف عراد، وتنظيف النادي الأسبوعي، جميع هذه الدروس وغيرها حاول خلوف أن ينقلها إلى المحيط الذي يعمل فيه بصدق ودون مقابل!
ذات يوم جاء أحد أبناء قرية الهملة إلى الحورة يبحث عن خلوف، وعندما وجده قال له: «والدي تعبان ! والدي مريض! والدي مصاب بجلطة دماغية، لا يستطيع أن يتحدث، وهو الآن في المستشفى العسكري، ولا يسأل إلا عنك؛ وين خلوف ؟ أبي خلوف! ييبو لي خلوف ياخذني إلى ألمانيا!». ويواصل عزيز الهدار ابن المريض: «ويقول لك: لا تحمل هم المصروفات، احمل جوازك فقط وهو سوف يتكفل بكل المصاريف التي يتطلبها السفر للعلاج»، كان أبنه يتحدث ويتوسله عدم الرفض، أما خلوف فكان جوابه أنه لا مجال لكثير من الكلام!
«الآن سوف أذهب إليه في المستشفى». عندما شاهد خلوف حجي جاسم الهدار، الإنسان القوي الذي يهابه الجميع في قرية الهملة وهو ممدد على الفراش لا يستطيع أن يرفع يده إلا بصعوبة بينما كان يرفع صناديق الخضراوات، مثل الجزر والبطيخ والباذينجان والبقدونس وجميع الخضراوات التي يزوّد بها سوق المنامة، وكان يدير ثلاث مزارع؛ واحدة في كرزكان، واثنتان في الهملة، وكان المرحوم إنسانًا كريمًا وشهمًا وصاحب شخصية قوية، إلا أن الجلطة كانت أقوى منه!
عندما رأى خلوف وهو واقف بجانبه قال له: «ألمانيا!»، ينطق الكلمة وكأنه يمزقها (أل ما نيا)، يقول خلوف إنه عندما شاهد حجي جاسم بهذا الوضع شعر أن دموعه سوف تفضحه، وستزيد المريض أكثر ألمًا وخوفًا، ولذلك خرج من الغرفة باحثًا عن عذر ليخفي دموعه، بينما ظلت يده مرفوعة كأنه ينتظر من يرفعه من الحفرة التي سقط فيها! ذهب خلوف إلى الطبيب الذي يعالجة (عيسى أمين) وقال له: «لقد طلب مني المريض وهو بمنزلة والدي أن أذهب معه إلى ألمانيا للعلاج، فماذا تنصحني؟». قال الطبيب: «ليس لديّ مانع من سفره، وأستطيع أن أخابرهم هناك وأوفّر لكم سيارة إسعاف تنتظركم عند الطيارة، هذا إذا كنتم راغبين بالسفر! أما رأيي الشخصي فهو أن علاجه هنا نفس العلاج الذي سوف يأخذه هناك!». يكمل خلوف: «عدت إلى حجي جاسم، الله يرحمه، واستطعت أن أقنعه بالعلاج ووافق، وخرج بسلام».