تحدثنا في المقال السابق عن المطرقة والسندان وما تعرض له خلوف من ضرب على رأسه حتى يستقيم ويرفع رأسه، وبالفعل هذا ما حدث عندما أراد أن يثبت لنفسه وللآخرين أنه وصل إلى مرحلة النضوج.
ذات صباح من يوم عمل، نظر الى السماء وشاهد السحاب وهي كغير عادتها، سوداء قاتمة كأنها تنذر بخطر محتوم، شعر خلوف بأن السماء تنذره وعليه أن يترك المكان، وأن الطبيعة لن تسامحه!
وبعد فترة من الوقت نزل المطر وغسل أرض الهنكر وما حولها! طارت الطيور مرعوبة منه، البعض تم اصطياده من قبل الطيور المفترسة، ومنها ما نجا بنفسه، خلوف اختفى مجبرًا لمدة شهر وعدة أيام عن العمل، وعندما عاد رفضه الهنكر كما يرفض البحر الجيف. بعد حادثه العاصفة التي شملت كل التيارات، وما تبعها من خسائر إنسانية ظل خلوف يسأل عن صاحبه الذي كان يلازمه في العمل وأخذ يناديه باسم (كاكا)، وهي كلمه إيرانية الأصل، وكاكا من أصول إيرانية كتب عليه القدر أن يهاجر مجبرًا، وعندما سأل عنه خلوف قيل له إنه في الدوحة.
لم يتمالك خلوف فرحته، فقرر السفر لملاقات صاحبه، وعندما التقيا في الدوحة بعد أن استدل على منزله المتواضع، أخذه كاكا الى البيت الذي استأجره ليقيم فيه، وهناك تعرف إلى شخص كبير في السن تشهد ملامحه وشعره الأبيض، وعندما جلس خلوف وأهدى كاكا (هديته المفضلة)، وهي (...)، سمع خلوف الرجل الهرم وهو يتحدث الإيرانية مع كاكا، وخلوف كأنه «أصمخ في الزفة» لا يعرف ماذا يقولون!
وبعد أن تجاوز الوقت السابعة مساءً قال كاكا لخلوف: «بدل ثيابك لنخرج حتى نستنشق هواءً نقيًا»! لم يقتنع بمقترحه، وقال له: إن قلبي ليس مطمئنا لصديقك! أعتقد انه سوف يستولي على هديتك! أخذ كاكا يضحك من سذاجة وغباء خلوف، وهو يقول له لا ألومك بما قلته، واعذرني على ضحكي عليك؛ لأنني لم أتوقع منك هذا الاتهام على شخص من هذا النوع، ثم واصل حديثه وهو يقول له: تذكر هذا الاسم وسوف تسمع عنه الكثير، إنه (ع ـ م).
بعد أن سمع خلوف ما قاله كاكا خجل من نفسه واعتذر على بلاهته وتسرعه.
ظلت الصداقة قائمة إلى أن عاد كاكا إلى الوطن. وفي عام من الأعوام الصعبة التي مرت على خلوف عندما اتهم بصفات سيئة من قبل بعض معارفه وأصدقائه المقربين؛ بسبب مكانته الاجتماعية والرياضية التي تميز بها عنهم، ومع الأسف البعض صدقها، إلا كاكا كان يقول له: «لا تهتم بما يقولون عنك، سوف يأتون إليك في المستقبل ويعتذرون؛ لأنهم لا يستطيعون أن يقوموا بما قمت به أنت». ألف رحمة عليك أيها الصديق العزيز سلمان علي..