من منا لا ينشد السعادة في حياته، خاصة عندما يعلم أن تحقيقها بيده هو دون سواه، من خلال تسامحه مع الآخرين وتغاضيه عن كثير من الهفوات التي قد يتعرض لها، ما يعني أن مضيه في اتباع لغة التسامح مع الآخر، سيقوده حتما إلى سعادة لا حدود لها، لذلك قالها الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه: «خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنوا إليكم».
والسماحة، وفق ما أورده المعجم الوسيط، تعني الجود والكرم والسهولة، أما معجم «معاني الأسماء» فقد أورد من معانيها: التسامح، الرضا، رضا النفس، وهي من مصادر الفعل «سمح» والسماحة اصطلاحا تعني القلوب الطيبة وتفادي السلوك المتعصب، وهي بذلك تشكل الطريق لبناء الفكر المنفتح مع النفس والآخرين، كما أنها عكس ما قد يعتقده البعض، تعد أكبر مراتب القوة، لأنها تتيح لصاحبها أن يتعايش مع الآخرين بثقة وأريحية وانفتاح، ويكون الشخص السمح، محبوبا لدى أهله ومجتمعه، فضلا عن أنها تفتح له أبواب الرزق في البيع والشراء وتجلب له الخير الدنيوي، حيث يميل الناس للتعامل معه، فيكثر عليه الخير ويصبح محبوبا في الوسط المحيط به. وكلما كان الإنسان متسامحا مع الآخرين، زاد شعوره بالرضا النفسي والاستقرار العاطفي، وساعده ذلك في الابتعاد عن الصراعات النفسية والفكرية التي تسلب منه راحة البال والطمأنينة، وحيث إن الأمر كذلك فإننا في أمسّ الحاجة إلى نشر ثقافة التسامح من أجل صلاح مجتمعنا وتعزيز العلاقات بين أفراده، لأننا لو ارتقينا فوق أخطاء الآخرين، سنتمكن من تجاوز مرحلة التشنج والدخول في صراعات مؤسفة، وهو ما سيساعدنا في تحقيق السعادة المجتمعية الحقيقية. وحيث إن الشيء بالشيء يذكر، فلا بد من لفت الانتباه إلى الفرق بين السماحة كلقب واسم وكونها فعلا حميدا، نسعى لأن يكون سائدا في كل ربوع المجتمع، فالسماحة صفة وليست منزلة، وفي الختام يكفي أن نشير إلى أن الإسلام دين السماحة، والتي وردت في كثير من آيات القرآن الكريم.