كان جدي يرحمه الله لا يمد يده للوجبة قبل أن يكون هناك أكثر من رأس بصل مطروح أمامه فوق السفرة يتدحرج، وقبل أن يمد يده للصينية الجماعية يأخذ واحدًا من أكبرها ويضعه أمامه ويضربه بقوة قبضة يده ويفقسه ويوزعه بينه وبين أعمامي يرحمهم الله جميعًا، كان البصل كما يقول فارسي أكبر من قبضة اليد أبيض اللون وعندما يضربه بقبضة يده يتطاير هنا وهناك بعد أن يفشخه ثم يقوم بتوزيعه على الجماعة، ويجرب منه شيئًا بارد بارد حار حار والبصل الفارسي حسب قوله غالبًا ما يكون باردًا، واذا كان هناك رؤوس صغار يتواررونها بينهم كل يأخذ ورته منها ومع البصل هناك من يأتي بعلوب الفلفل كل منهم يأخذ علبين او ثلاثة من هذه التي يطلقون عليها «علوب»، قد قام أحد الحاضرين بقطفها من شجيرات مزارعهم، حيث انهم كانوا يزرعون الفلفل لديهم وأغلبه يكون باردًا إلا القليل الذي يدمع العيون، أما نحن الصغار فنتشهى من المنثور على السفرة ويهددوننا بعدم الصياح مما نجرب من البصل او الفلفل، لأنها أحيانًا تؤلمنا، وهذه حياتنا ونحن صغار القوم حينها.