خطوة كبيرة قطعتها الجهود العربية المكثفة خلال الأيام الماضية بتحقيق اتفاق عربي شبه اجماعي على عقد القمة العربية الطارئة في العاصمة العراقية بغداد يوم الثامن والعشرين من الشهر الحالي. فقد تمكنت الجهود الدبلوماسية المتواصلة، التي برز فيها الدور الذي قامت به المملكة العربية السعودية، من صياغة هذا الموقف الذي تبنته معظم الدول العربية، والذي حسم قضية "موعد ومكان" عقد القمة. والآن وقد حسمت هذه المسألة الاجرائية، فان الجهود التي ستبذل خلال الايام القادمة لابد وان تتجاوزها لكي تنصب على "مضمون" القمة.. وهو التوصل إلى موقف عربي موحد من التهديدات التي تتعرض لها الامة العربية في هذا المنعطف الخطير، الذي قد لا نبالغ اذا قلنا انه اخطر ما واجهته، هذه الامة في مجمل تاريخها. فالبندان الرئيسيان على جدول اعمال القمة العربية الطارئة، وهما مخاطر هجرة اليهود السوفيت إلى الاراضي المحتلة و"التهديدات الغربية التي يتعرض لها العراق"، هما بندان لا ينفصلان عن جوهر الخطر الذي يتعرض له الامن القومي العربي.. بل هما "هجوم واحد على جبهتين من جبهات امننا القومي". ومن هنا، فان القمة العربية الطارئة مطالبة بوضع استراتيجية جديدة للأمن القومي العربي، تضع في حسبانها هذه الهجمات التي صارت تتكرر على هذه الجبهة أو تلك من جبهاتنا.. وإذا كانت جبهتا الاراضي المحتلة والعراق هما أول جبهتين تتعرضان للهجوم الآن، فان بقية الجبهات العربية الأخرى ليست بمنأى عن هجمات العدو – فالأمن القومي العربي لا يتجزأ. ويبقى القول بأنه إذا كانت الجهود العربية قد حققت اتفاقا "شبه اجماعي" على عقد قمة بغداد، فانه ليس هناك ما يدعو لان ينتقل هذا الاتفاق إلى مستوى "الاجماع العربي" ومن هنا، نأمل ان تتواصل الجهود والاتصالات العربية لضمان تمثيل كل الاطراف العربية في القمة. فحجم المخاطر التي تهدد الامة العربية يدعونا جميعاً إلى تنحية الخلافات الثنائية، وتغليب المصلحة القومية العليا.. وان نكون جميعاً على مستوى المسؤولية الجسيمة الملقاة علينا. ومازال يحدونا الامل في الا يكون الوقت قد فات لتحقيق الاجماع العربي مرة أخرى.
5/11/1990 12:00:00 AM