جميلة هي تلك الأرواح التي تحيط بنا لتشملنا بعطائها الحميم الذي يتمثل في رقي الأخلاق في أثناء التعامل، ولعلك بقدر ما تعامل الناس سيعاملونك، لكن أحيانا هناك من يخجلك بكرم المعاملة، إذ تتجلى مظاهر التقدير والاحترام الذي يجعل ابتسامتك ترتسم، فتشعر ان الدنيا بخير في ظل وجود النخبة التي تعكس روحها اللطيفة.
وبطبيعة الحال، فالمعاملات الراقية تخلق توقعات كثيرة نحن دائما في انتظارها من المحيطين، سواء في مجال العمل أو على صعيد الأسرة، بحسب قرب الأشخاص منا، وهذه التوقعات هي نتاج أفكارنا التي ترسخت بناء على تعاملاتنا المتنوعة معهم التي أشعرت بالأمان فاستقرت في الداخل، لكن هذه التوقعات يفترض ان يكون لها سقف ولا تترك لتبلغ عنان السماء، ومن ثم ترتطم بالأرض بعد أول صدمة.
يقول وليام شكسبير: «التوقعات دائمًا تؤلم»، وتؤلم بشدة إذا لم تتوافق مع ما ترسخ في أذهاننا، فبعض اللحظات قد لا تأتي كما تمنينا أو كما توقعنا، وهنا تكمن المشكلة عند التعرض للإحباط والخيبة، فحينها يكون فكرنا مسؤولا عمّا رسّخه ومنحه من تضخيم أكثر من اللازم، فأحيانا نمنح أشخاصا مكانة في داخلنا تفوق بكثير ما يستحقون، وأحيانا نبالغ في المواقف ونعطيها أكبر من حجهما، وذلك لأننا كنا نتوقع شيئا وماحدث شيء آخر، وهذه الإشكالية لا تقتصر على فئة عمرية معينة، بل تصبح معقدة عندما تطال بعض المراهقين غير القادرين على تقنين العلاقات بنضج مع زملائهم، فنجد بعد ذلك أن أحد أسباب كآبتهم هو صدمتهم من صديق لم يكن عند حسن الظن، وهم كانوا يتوقعون الكثير وينتظرون الكثير.
إن التواصل البناء، والثقة، وحسن الظن، وتقدير الآخرين لا تتعارض مع التوقعات إذا كان الاعتدال في ممارستها، فهي متطلب مهم لتحقيق التوازن في العلاقات، ولنتذكر أننا إذا أردنا أن نقلل الخيبات علينا أن نكون منصفين مع أنفسنا، فالبعض لا يفي بالتوقعات.