يمكن القول إن لغة التعصب أصبحت من صفات الأمة العربية.. ألا تتفقون معي في ذلك.. وإلا ماذا تفسرون الاقتتال بين التنظيمات والاحزاب والجماعات في شتى البقاع العربية.. سوريه والعراق مثالاً.
لكم أن تتخيلوا أن تنظيماً يضع له أهدافا ويتفق أعضاؤه عليها، وبعد فترة يختلفون في فكرة ما فيتحولون الى أعداء.. ليس أعداء فقط بل «أعداء دم».
لن تجد هذا الطابع البائس إلا عندنا فالغرب تجاوزه منذ مئات السنين، وبقينا نحن نندب حظنا.. وأي حظ هذا الذي يجرد المرء من انسانيته ويحوله الى طاغوت، يسخركل خير ويحوله الى شر.. فيحول الدين الى آلة فتك وقتل.. معتمداً على تفسير الظاهر من النصوص.. فيطلق كل ما أورده القاموس العربي من مفردات الكفر والزندقة على كل قريب وبعيد.
وحين ترتفع هذه الراية المشؤومة، فإننا نقف لنتساءل أين دور المثقف العربي الذي راح يسطر كتباً وينثر كلماً على شاشات التلفزة، أليس المطلوب منه ان ينتج خطابه نماذجاً من الشباب الواعي، لماذا راح الشباب العربي أسراباً أسراباً نحو أفكار التعصب والطأفنة.
ألا نحتاج الى ثورة فكر وعقل ووعي الى ثورة أخلاق قبل ان نتحدث عن ثورات سياسية، أليس هذا هو المشروع الأهم بدلاً من الانغماس في السياسة التي لم تنتج إلا الدمار والخراب والقنابل والاحزمة التي أضاعت شبابنا.
إن أزمتنا في المنطقة العربية ليست سياسية بل أزمة وعي وإدراك.
إننا بحاجة اليوم الى مشروع يكون التنويريون والمثقفون أصحابه، عبر برنامج حقيقي يعتمد على مغادرة جلسات النخبة المنعقدة في البروج العاتية، والتوجه مباشرة الى حيث الشباب، من أجل تأسيس نواة استراتيجية تعتمد على ما يتحقق من ثورة الأخلاق والوعي التي تكون درعاً حصيناً في مواجهة التطرف والارهاب.