إن الاهتمام بالطلبة الموهوبين والارتقاء بهم إلى أعلى المستويات هدف وطني يساعد على تلبية احتياجات إنسان المستقبل في شتى ميادين الحياة كما أنه يساعد على الارتقاء بمستقبل التنمية في المجتمع ولكن كيف يمكن أن يتحقق ذلك وبأي الوسائل والطرق وكيف يكون الاستثمار في هذه الثروة؟ في هذا الطفل الموهوب؟ هل يوجد المعلم الذي يتصف بالحماس ويشجع طلابه على التفكير، ويساعدهم في إيجاد البدائل والحلول المختلفة، ويكسر الحاجز الذي بينه وبينهم، ويقودهم للحل المبدع للمشكلات، وحب الاستطلاع والاستقلالية والمثابرة وغيرها من السمات التي يتسم بها الموهوبون والمبدعون؟
المعلم الناجح هو الذي يحاول دائما أن يشجع الطلاب على إثارة التساؤلات لاكتساب المزيد من المعارف، فالطفل المبدع في مراحله العمرية المبكرة لديه رغبة جامحة في معرفة وفهم العالم الذي يعيش فيه ولديه الفضول في معرفة كل ما يحيط به معتمدا على الملاحظة الدقيقة والخبرات التي يمر بها. ومن هنا يأتي دور المعلم الكفء في إرشاد طلابه المبدعين نحو العديد من مصادر المعرفة المتنوعة المحوسبة وغير المحوسبة التي تشجع عندهم اكتساب المهارات البحثية وسبل الكشف عنها، إن إهمال هذه السمة من قبل المعلم تؤدي إلى الانعزالية عن الطفل وتخلق منه شخصية انطوائية سلبية غير قادرة على التفاعل مع أقرانه.
وتعد مسئولية المنظومة التربوية في توفير البرامج المتخصصة التي تعنى بتوظيف الحل المبدع للمشكلات وتوظيف مهارات التفكير الاستراتيجي الناقد في مناهجها وعمل التقويم المستمر لهذه البرامج للوقوف على مواطن الضعف ومعالجتها والقيام بإعداد وتأهيل مختصين في مجال تربية الموهوبين، هي مسئولية مؤسسات المجتمع المدني كافة لرعاية هذه الفئة من الطلاب، وذلك من خلال سن القوانين والتشريعات التي تحدد واجبات المجتمع ومؤسساته المختلفة تجاه تربية الموهوبين والمبدعين والمساهمة في تمويل ودعم البرامج الخاصة بهذه الفئة، فإذا استمرت منظومات التربية والتعليم في تجاهل الطلبة الموهوبين والمبدعين فلن نواكب التطور ولن نستطيع مواجهة التحديات إلا إذا وظفنا طاقات وقدرات هذه الفئة إلى أقصى حد ممكن.