إن لم تقل الحق فـلا تصفـق للباطل
كثيرون من أعطوا لأنفسهم الحق في التنظير وإصدار البيانات وخلط الأوراق واعتادوا المزج بين ثوابت الدين ورؤاهم في السياسة والحياة العامة واستغلوا كل ذلك في توجيه البسطاء من بني البشر نحو أمور تكون في أغلبها ضررا عليهم، ولذلك فإن الأمر يقتضي من كل من ينادي ببيان أو يقف على منبر ويتساءل عن العقل والحكمة والبصيرة وتوقيت استيقاظ الضمير وحساب مصلحة الوطن وحق المواطن واحترام الإنسان.. عليهم أن يتوقفوا ليعيدوا النظر في منهجهم الفكري وما يصدروه من أقوال ومواعظ من خلال استغلالهم لمواقعهم الدينية في الترويج لأفكار تهدد اللحمة الوطنية.
ولهؤلاء نقولها واضحة صريحة لا تحتمل التأويل:إن مصلحة الوطن والمناداة بيقظة الضمير والبصيرة، يجب أن تكون أولاً من انسان لديه من الاتزان والحكمة والقبول الوطني وأن يكون قلبه على وطنه قولا وعملا وليس له منهج ثابت في بث الطائفية وتأجيج الفتن، كما يجب عليه ثانياً أن يكون قادراً على النطق بكلمة الحق مهما كانت تداعياتها وألا يحسب في ذلك حسابا لآخرين يستمد منهم نفوذه وقوته، ما عليه إلا الحق ومصلحة الوطن وأن يكف عن أي رؤى طائفية لا ترى إلا ما يمليه عليه غيره أو أيديولوجيته الضيقة، وليعلم علم اليقين أن حقوق الانسان من المسلمات الانسانية ولا يحتاج الأمر إلى مزايدات وتحليلات فكرية أو عقائدية فكلنا نقر بأخلاقيات حقوق الانسان ونضعها كمسلمين وعرب موضع التقدير والتطبيق.
إن من يعمل خارج إطار الوحدة الوطنية ويربط مصيره ووطنه بطائفته ومذهبه ولا يشير للمخطيء بحق وطنه ولا يعتبر مثلا الزج بأطفال الوطن في أعمال العنف والتخريب والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، لا ينبغي عليه أبداً أن يطالعنا بين الحين والآخر ببيان أو مواعظ يضع فيها رؤاه السياسية في إطار ديني مذهبي وبنغمة توحي ظاهريا بأنه حريص على الوطن ووحدة أبنائه فيما هو بما يطرح يثير البلبلة ويفرق ولا يوحد وتشع الطائفية من بين كلماته، في حين أنه لو نطق بكلمة الحق وأكد بصريح القول بأن الزج بالأطفال في التخريب حرام وغير مقبول وأن أعمال الإرهاب وترويع الآمنين خطأ لا يغتفر.. لو قال هذا الكلام صراحة، حينها قد نلتفت لما يقوله ونتأمل أفكاره وحتى ذلك الحين فإننا نذكره بمقوله الداعية الإسلامي الكبير المرحوم محمد متولي الشعراوي اإن لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطلب مع خالص دعائنا بالهداية للجميع.